الأربعاء، 16 يوليو 2014

الترحال الأول: رومانيا.. ما قبل الرحلة

الترحال الأول: رومانيا



ربما تأخرت كثيرا قبل كتابة ونشر هذه التدوينات/المذكرات -سمها كما تشاء، إلا أن هذا التأخير الذي بلغ 4 سنوات بالتمام والكمال -والنابع بالأساس من الكسل- قد جاء بفائدة عظيمة إذ سمح لي بهضم التجربة الرومانية كاملة وإعادة النظر فيها ومقارنتها بتجارب أخرى في ضوء ما آلت إليه الأمور في مصر. هذا التبرير/الاعتذار لا بد منه على الرغم من تأكدي من أن متابعي تلك الكتابات لن يتجاوزوا أصابع اليدين.

ما قبل الرحلة


البداية كانت فكرة مجردة .. سفر؛ فقط أن أكون خارج المكان الذى اعتدت أن أوجد فيه. ترحال في البلاد بحثاً عما لا أدريه ولا أعلمه؛ ربما الحلم الذي طالما بدا بعيد المنال، وربما الحقيقة التي لم يعرفها أحد، وربما أسرار السعادة والرضا، وربما سر آخر لم يعلمه أحد من قبل، أو علمه الخاصة اللذين ارتحلوا في البلاد بحثاً عنه.

ولكن كيف؟ عبر برنامج للتبادل الطلابي أتيح للبعض أثناء الدراسة بكلية الصيدلة التي درست بها. وتقريباً هذه هي الفرصة الوحيدة المتاحة للسفر خارج البلاد بالنسبة لي خلال أعوام الدراسة، وقبيل إتمامي أعوامي العشرين الأولى. ولكن إلى أين؟ دولة أوروبية هذا هو الجواب. وخياري تحديداً من دول شرق ووسط أوروبا لأسباب إقتصادية بحتة وقد كانت في البداية "بولندا". دولة تتوسط أوروبا وتقع على الحدود مع ألمانيا التى طالما حلمت بالدراسة والعمل بها فقط بضعة ساعات بالقطار تفصلك عنها. ولكن دائماً ما تأتى الرياح بم لا نشتهيه، وتحولت بولندا إلى سراب. وقد كان لزاماً على أن أختار من بين ثلاث دول "صربيا" أو "تركيا" أو "رومانيا". "تركيا" بلد إسلامى، وليس أوروبياً بما فيه الكفاية، وأنا احتاج إلى بلد أوروبي خالص مختلف تمام الاختلاف عن كل ما عهدته في بلادي من قبل. أما "صربيا" لا أعلم عنها شيئاً تقريباً سوي أنها منذ بضعة أعوام كانت "صربيا ومونتنيجر"، وقبلها بعدة أعوام أخري كانت "يوغوسلافيا"! إذن هى "رومانيا". دولة فى شرق أوروبا حققت ما كنت أظنه معجزةً فى وقتها؛ ثورة قام بها الشعب على طاغية مجنون يدعى "تشاوشيسكو".

وبعد سلسلة طويلة من الإجراءات والأوراق والروتين المصرى والرومانى أيضاً؛ بدأت الرحلة قبل الوصول إلى المطار بيوم كامل. كان موعد إقلاع طائرتي فى الثالثة بعد منتصف الليل من مطار القاهرة، وقد استلمت التأشيرة فى الثامنة من صباح يوم السفر من السفارة الرومانية فى القاهرة. ثم كان على التوجه إلى منطقة العامرية للتجنيد بالإسكندرية للحصول على تصريح السفر من وزارة الدفاع، ثم العودة مرة أخرى بالمساء إلى القاهرة للسفر. وقد استغرقت رحلة الإسكندرية القاهرة الإسكندرية القاهرة حوالي عشرين ساعة تقريباً استنفذت فيها كل قواى. خاصة بعد السير على الأقدام مسافة ستة كيلومترات تحت شمس الثانية عشر ظهراً اللاهبة فى منتصف يوليو للوصول إلى منطقة التجنيد!

وبعد الانتهاء من اتمام اجراءات المغادرة فى مطار القاهرة. جلست بأحد المقاهى لالتقاط الأنفاس، واحتساء قدح من مشروب الشيكولاتة الساخنة لمساعدتي على الاسترخاءوالنوم بالطائرة. إلا أنني كنت واهماً في موضوع النوم هذا، فدائماً وأنت على طريق جديد لا ينبغي النوم أبداً. فقط قم بإعداد نفسك وتهيئة روحك لطرح الأسئلة والبحث عن الإجابات، وأشياء أخرى لن تعرفها إلا في حينها.

يـتـبـع . . .

ليست هناك تعليقات: