الأحد، 28 أكتوبر 2012

السنجة - رواية لد. أحمد خالد توفيق

السنجة .. السيجة .. السبحة .. السرنجة .. السرجة .. د.أحمد خالد توفيق يفرغ "صديده" من جديد في هذه الرواية.



أحاول تفهم الدوافع التي كانت وراء كتابة د. أحمد لتلك الرواية. هل هي عملية إفراغ الصديد المتراكم لديه -كما يحب أن يصف د. أحمد ذلك "التطهر"- ليتجدد ويصبح أكثر أريحية نفسياً. أم هي محاولة لكتابة رواية من أجل الرواية في حد ذاتها. أم آن هناك سببا آخر خفيا استغلق على أثناء قرائتي للرواية. لقد تفهمت بوضوح دافع د.أحمد للكتابة في روايته السابقة "يوتوبيا" والتي كانت كتابي المقدس في ذروة اكتئابي وأنا بالجامعة، وقد اعتدت من د.أحمد وجود باعث قوي للكتابة، وقد أضناني البحث عنه فلم أجده إلى الآن. أحتاج لأن أفهم هذا الباعث لكي تكتمل الصورة .. احتاج ذلك بشدة!

مقارنة بيوتوبيا نجد أن الأسلوب الروائي قد تطور ونضج بشكل كبير. الأسلوب والشخوص والأحداث المتشابكة العجيبة في منطق مقبول أشبه بتراجيديات الإغريق؛ كل هذا خلق عالم "دحديرة الشناوي" الذي ما أن تلجها لا تستطيع الخروج من ظلماتها برغبتك أو بدونها. ولوج عالم "دحديرة الشناوي" أشبه بالخوض في الوحل -الممزوج بأشياء أخرى!- بأقدام عارية؛ في البداية يكون الأمر مقززاً، ثم ما تلبث أن ترتاح إليه وتسير فيه بأريحية، ثم تستمتع بعد ذلك بالأمر وتغوص بأقدامك أكثر في الوحل لترتاح!

أسلوب الرواية آخاذ ويسلب روحك ذاتها حتى أوشكت على قراءتها كلها في جلسة واحدة -وهذا ما أنصح به وبشدة. النهاية غريبة فعلاً وفاقت كل التوقعات كالعادة فد. أحمد له نهايات يصعب توقعها في قصصه حتى وإن كانت مملة للغاية أحياناً. لن أتحدث عنها بتفصيل أكثر أو ارتباطاتها بالأحداث المتشعبة لأترك لكم حرية تكوين انطباعاتكم عنها.

بقيت نقطة واحدة؛ قبل قرائتي للرواية تحدث العديد عن أن الجنس في الرواية ممجوج وأن د.أحمد قد خرق تابوه الذي وضعه لنفسه في تلك الرواية. اعتقد أن هذا لم يحدث إطلاقاً فما زال د.أحمد خالد توفيق من أرقي من كتب عن الجنس من الأدباء المصريين. هو لم بستخدم حتى أسلوب التلميح في أي شيء فقط عبارة قصيرة مقتضبة كانت تشي بكل شيء، والاسنتاجات والتخيلات متروكة لمدى سقم عقلية القارىء. ما زال الرجل كما قال لم يكتب ما يخجل أن تقرأه ابنته. كما يجدر الإشارة إلى أن عنف الألفاظ والسباب المتوقع من شخوص الرواية في بيئتهم المليئة بالانحرافات من كل جنس ولون نجح -كالعادة- د.أحمد خالد في تجاوزها بسلاسة دون إخلال بالسياق أو إسفاف وابتذال لغوي.

بصفة عامة الرواية ممتعة وأنصح بقرائتها. الرواية نجحت كما أعتقد فنفاذ الطبعة الأولى في غضون أقل من عشرة أيام -وإن كنت لا أعرف عدد نسخ الطبعة بعد- يشي بأن الرواية ناجحة. أضف إلى ذلك أنها كانت منتهكة على الإنترنت في غضون عدة ساعات من طرحها في الأسواق. يبدو أن محبي كتابات الدكتور يتمتعون بنفاذ صبر واضح، فالجميع انتظر الرواية، والجميع حاول شرائها، والجميع حاول قرائتها بأسرع ما يمكن. استمتعت بقرائتها بشدة واعتبرها هدية العيد التي أهديتها لنفسي! .. إلا أنني ما زلت أنتظر رواية أخرى لد. أحمد خالد ربما تكون هي واسطة العقد أو درة التاج.