الاثنين، 29 ديسمبر 2008

سلام لجرحك يا فلسطين . . .

المشهد الأول

يستيقظ من النوم . . . يذهب للمطبخ . . . يحضر طبقا يملأه بالكرواسان و الباتيه . . . يجلس أمام التلفاز . . . يفتح قناة الجزيرة . . . يشاهد مذبحة غزة . . . يمتعض للحظة من منظر الدم و الأشلاء . . . يقضم الكرواسان بنهم . . . يواصل المشاهدة . . . رجل من أهل غزة يقول "حسبى الله و نعم الوكيل فى أى مسلم شايف الى إحنا فيه ده وراضى و ساكت سواء حكام أو مواطنين" . . . يواصل القضم و المضغ بلا توقف . . . ينادى بأعلى صوته "فييييييييين المربىىىىىىىىىىى ؟!؟!؟" . . . يحضر طبق المربى . . . يرفع رأسه تجاه التلفاز . . . المسعفين يحملون شهيدا و الدم يتساقط منه . . . تتساقط المربى من فمه . . .



المشهد التانى

المسجد . . . صلاة الظهر . . . اليوم أجازة بمناسبة العام الهجرى الجديد . . . كالعادة صفين فقط من المصلين . . . بعد التسليم صاح أحد العجائز من نهاية المسجد "فلنصل صلاة الغائب على أرواح شهداء غزة" . . . يجيبه الإمام الملتحى مقصر الجلباب حامل السواك فى هدوء و أريحية "صلاة الغائب لم يروى عن الرسول (ص) أنه صلاها فهى سنة غير مؤكده" . . . يجلس العجوز فى مكانه و هو يقول "فتح الله عليك" . . .



المشهد الثالث

الإمتحانات بعد أسبوع . . . المذبحة لا تزال مستمرة . . . 300 شهيد . . . 1500 جريح . . . يدلف إلى حجرته فى هدوء . . . يغلق الباب خلفه . . . يجلس على مكتبه . . . يذاكر و يذاكر و يذاكر . . . ينسى غزة و ما فيها و من فيها . . . يعتنق شعار مصلحة الضرائب "مصلحتك أولا" . . . يضىء المصباح لمزيد من الإضاءة . . . بووووووم تم قصف مولد الكهرباء بغزة . . . غزة فى حالة ظلام تام . . . يعتدل فى جلسته بعد أن أنتهى من المذاكرة و هو يقول "الحمد لله . . . أنا كده عملت اللى عليا" . . .



المشهد الرابع

حراااااااااااااااااااام . . . ده ظلم . . . و الله ده حرااااااام . . .يتعالى صراخه و هو يشير للتلفاز بكلتا يديه . . . ألا ترون ؟؟ . . . هل أصابهم العمى؟؟ . . . أه يا ولاد الـــــــــــــ . . . والله ده بينالتى ! ! ! . . . كعبله و هو منفرد . . . و الحكم الـــــــ محسبهاش . . . يتعالى صراخه و تزداد حسرته . . . يواصل المشاهدة فى إنفعال . . . بعد إنتهاء المباراة يطلب منه أحد الجالسين تغيير المحطة لسماع أخر الأخبار عن الوضع فى غزة . . . لاااااااااااااااا قالها بأعلى صوته مصحوبة بسيل من البذاءات . . . لما الستوديو التحليلى يخلص . . .



المشهد الخامس

تتجمع الأسرة على مائدة العشاء . . . ياكلون بنهم . . . يضحكون بصوت مرتفع . . . يشاهدون إحدى المسرحيات الكوميدية . . . تتعالى أصوات الضحكات . . . تنتهى المسرحية . . . يطفئون الأنوار . . . يذهب كل منهم إلى سريره . . . يدخلون تحت الالغطاء المكون من بطانيتين و لحاف . . . يستشعرون لذه الدفء . . . ينامون فى هدوووووووووووء . . .

تتجمع الأسرة على مائدة العشاء . . . لا بوجد طعام . . .الأطفال يبكون يصوت مرتفع . . .  لا توجد إضاءة لقد تم قصف المولد . . . من بعيد تتعالى أصوات الطائرات . . . تهتز الأرض . . . تقترب أصوات الإنفجارات . . . تقترب . . . تقترب . . . بتمتم الأب بالشهادة . . . تحتضن الأم أطفالها . . . تتوقف أصوات الإنفجارات . . . يحمدون الله . . . يسمعون أصوات الإنفجارات مرة أخرى . . . تلتمع عيونهم فى ذعر . . . يدعون الله أن تمر الليلة بسلام . . . يدعون الله أن يأتى عليهم الصباح و هم مكتملون العدد . . . يدعون الله أن يحفظ لهم منزلهم و لا يبيتون فى العراء . . .



كل واحد فينا و احد من الخمسة دول

أو أكتر

أو الخمسة فى نفس الوقت



حكمة اليوم :

أخيراً،

يقول الدم العربيُّ:

تساويْتُ والماءَ

أصبحتُ

لا طعْمَ،

لا لوْنَ،

لا رائحة
 
!
 

الخميس، 11 ديسمبر 2008

السنباطى زعيم الفصل - مذكرات طفل برىء - 6 -

مذكرات طفل برىء




حلقات غير مسلسلة من الذاكرة نعيش معها أيام الطفولة البريئة . . . أحيانا (؛


عندما تشتد المحن و الأزمات ، تطفو على السطح بعض الذكريات . . حلوة . . مرة . . مضحكة . . محزنة . . . تننتزع الأهات أو الضحكات . . . عندها أتذكر إبتسامات طفل برىء ولى عليه الدهر و فات !!!!




-6-

السنباطى زعيم الأمة . . . قصدى الفصل







من زمااااااااااااااااااااااااااااااان أوى أوى أوى . . . مش أوى كده يعنى . . . أيام سعد زغلول . . . مصطفى كامل . . . أحمدعرابى . . . الناس الجامدة دى اللى كانوا يقولوا يللا بينا نعمل ثورة . . . تلاقى الناس جابت يفط و طلعت فى مظاهرات على طوول و ضرب نار بقى و ناس تموت . . . إييييييييييييييييه . . . فيين الأيام دى . . .

طبعا انا - كطفل برىء بحت - عجبتنى أوى فكرة الزعامة دى . . . إنك تقدر تحرك الناس لهدف واحد و يا سلام لو كان هدف كويس . . .فكرة إن الناس تتجمع مع بعض و تشتغل عشان يحققوا مطالبهم . . . و أهم شخص فى الحكاية دى طبعا هو الزعيم . . . هو صاحب الفكرة و هو الشرارة اللى بتخلى الناس تحرك . . .

و عشان كده أنا كنت طوول عمرى مستنى الفرصة اللى أبقى فيها زعيم و أقود ثورة . . . و جه اليوم اللى جت فييه الفرصة لحد عندى . . . فى يوم من الأيام الغابرة فى خامسة إبتدائى تحديدا و أنا قاعد فى مركز القيادة - التختة بتاعتى بس خدونى على قد عقلى - وصلنى خبر عن طريق جواسيسى إن فصل اللغات دخل معمل العلوم . . . أن أن أن آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآن . . .تتش



حيجى واحد ظريف يقاطعنى و يسأل " طب إيه المشكلة إن فصل اللغات يخش معمل العلوم ؟!؟!؟!؟ "
أقولك يا سيدى . . . أصل مدرستنا فى الإبتدائى - على الرغم من إنها مدرسة خاصة - مكنش فيها معمل علوم خالص و لما ربنا كرمهم و عملوا معمل للعلوم مكانوش بيخلونا نروحه - طب عملوه ليه أنا مش فاهم ؟!!!! - و طبعا لما وصللنا خبر إن فصل اللغات نزل المعمل كان فعلا خبر رهييييييييييييييييب . . .



أنا أول ما سمعت الخبر مصدقتوش فى الأول . . . قلت أسأل الميس بتاعت العلوم فى حصتنا . . . و فعلا أتأكدت منها إنها أخدت فصل اللغات و نزلوا معمل العلوم . . . قلتلها طب ما ننزل إحنا كمان زيهم . . . قالتلى لأ مش حتنزلوا . . .



بصراحة أنا كان حلم حياتى وقتها إنى أخش أى معمل . . . كان نفسى أشوف الحاجات الغريبة اللى بسمع عنها فى كتاب العلوم . . . أنبوبة إختبار ، مخبارمدرج ، مغناطيس حدوة الحصان ، برادة الحديد . . . ياااااااااه الحاجات دى كلها فى المعمل فى الدور اللى تحتينا . . . و نقدر نشوفها بس الميس مش راضية . . . طب أعمل إيه ؟ ؟ ؟



و فى اللحظة دى جتلى فكرة عبقرية جهنمية لوذعية لولبية متحورة . . . لازم الفصل يعمل ثورة على ميس العلوم . . . لفيت على كل صحابى فى الفصل و قلتلهم على فكرة فصل اللغات نزل المعمل و الميس مش راضية تنزلنا . . . و خلتهم ينشروا الخبر فى الفصل كله - كل ده و الميس كانت بتكتب عالسبورة - طبعا الطلبة كلهم أتغاظوا و قعدوا يقولوا لبعضهم حنعمل إيه ؟ ؟ ؟


رحت انا باصص لهم بصة الزعماء - محدش يسألنى بصة الزعماء شكلها إيه دى حاجة بتيجى لوحدها عند الزعماء - و قلتلهم نعمل ثورة . . . بلموا و قالولى إزاى يعنى . . . قلتلهم نعمل مظاهرة و نرفع فيها يفط و نطالب بحقنا . . . و أتفقنا على كده . . . وقد كان . . .



الميس خلصت كتابة عالسبورة و بصتلنا . . . لقيتنا قاعدين نقطع ورق من الكراسات و كراسات الرسم و بنكتب عليها . . . و إذ فجأة الميس لقيتنا مرة واحدة رفعنا الورق فوق و هو مكتوب عليه . . . "المعمل . . . المعمل" "عايزين ننزل" "إشمعنى لغات . . . إشمعنى لغات" . . . و الفصل كله بدأ يهتف فى نفس واحد عايزين ننزل . . . عايزين ننزل . . . إشمعنى لغات . . . إشمعنى لغات . . .



الميس قعدت تزعق أسكتوووووووووواااااا . . . وإحنا مفيش فايدة . . . طلعت العصاية و قالت حضربكم . . . و إحنا برضك رافعين اليفط و بنصرخ عايزين ننزل . . عايزين ننزل . . . و الثورة بدأت تشتد و بدأت أنظم فى جموع الطلبة . . . وقفت فوق التختة و أروح مشاور لصف الولاد يروحوا قايلين فى نفس واحد "عايزين ننزل" . . . وبعدين أشاور لصف البنات فالولاد يسكتوا والبنات يقولوا عايزين ننزل . . . بعدين أشاور للإتنين و نقول كلنا فى نفس واحد . . . عايزين ننزل عايزين ننزل . . . و بعدين أشاور للكل بإيدى يسكتم و أقول أنا لوحدى بصوت عالى إشمعنى لغات . . إشمعنى لغات و الفصل كله ورايا فى نفس واحد إشمعنى لغات . . إشمعنى لغات . . .


طبعا الميس حيجيلها إنهيار عصبى مننا و أول ما حسيت بكده . . . شاورت للثوار أسكتم . . . وقلتلها بصوت عالى حتنزلينا المعمل وللا لأ ؟ ؟ ؟ . . . بصيتلى و قالت لأ . . . رحت مشاور للفصل تانى و أنطلقت الهتافات و اليفط أشد من الأول . . . كل ده و انا فوق التختة بنظم فيهم . . . - زعيم من يومى - و فضلت المظاهرات شغالة و بتزيد و تزيد و تزيد و . . .


و فجأة صرخت الميس خلاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااص . . . حنزلكم المعمل . . . . . . . و فى اللحظة التاريخية دى أنتصرت إرادة الفصل على الميس و حققنا هدفنا . . . و حننزل المعمل . . . هييييييييييييييييييييه . . . هييييييييييييييييه . . . أنتصرناااااااااااااااااا . . . أنتصرناااااااااااا . . .



و فعلا نزلنا المعمل و حبقى أحكيلكم عملنا إيه هناك . . . بس دى حلقة تانية بإذن الله . . .




كان معكم الزعيم الوطنى الثورى الحر من فوق التختة
محمد السنباطى