الاثنين، 21 يناير 2013

إنْتَرْفِيٌّوْ




في إحدى رحلاتي البائسة للبحث عن وظيفة مكنتش عايزها –مندوب طبي "ميديكال ريب"- بس الناس كانوا شايفين إن ده شغلي اللي لازم اشتغله دار الحوار التالي:

" الموظف: أنت كاتب في السي في إنك بتحب القراية وبتحب تكتب قصص قصيرة.
أنا: مظبوط.
الموظف: وبتلاقي وقت للكلام ده؟
أنا: طبعاً.
الموظف: إزاي؟
أنا: هي مسألة تنظيم وقت .. أنا عودت نفسي أقرا بالليل قبل ما أنام. سطر.. صفحة.. 100 صفحة المهم أقرى حاجة. والكتابة دي بتبقى بظروفها لما ألاقي فكرة تسيطر على دماغي وتخليني أكتب عنها بلاقي الوقت اللي أكتبها فيه.
الموظف: طب تفتكر ده مش بيعطلك عن شغلك؟
أنا: لأ ده ليه وقت وده ليه وقت ودايماً في أولويات .. هي مسألة تنظيم وقت مش أكتر.
الموظف: طيب.. مكتوب في السي في برضك إنك بتشارك في نشاطات كتير وبتحب تعمل حاجات كتير جنب دراستك أو شغلك.
أنا: تمام
الموظف: بتجيب وقت لده كله منين؟
أنا: تنظيم وقت زي ما قلت لحضرتك.
الموظف: د. محمد.. أحب أعرفك إنك لو اشتغلت معانا مش هتقدر تعمل حاجة من الحاجات اللى أنت بتحب تعملها خالص.
أنا: ليه؟!
الموظف: كده.. مش هيبقى عندك وقت.. وقتك ومجهودك كله للشركة.
أنا: هو أنا لو اشتغلت في الشركة هشتغل كام ساعة في اليوم؟
الموظف: المفروض بين 8 و 10 ساعات يومياً.
أنا: اليوم باقي فيه 14 ساعة ممكن أعمل فيهم حاجات كتير.
الموظف: بس ضغط الشغل هيكون عالي ممكن يوصل لـ 16 ساعة في اليوم.
أنا: يبقى لسه فاضل في اليوم 8 ساعات.
الموظف: أنت هتبقى ميت.. لازم تريح فيهم عشان تكمل تاني يوم.
أنا: ممكن لما أعمل الحاجات اللي أنا بحبها ولو لمدة ساعة واحده بس هريح نفسي أكتر.. وبعدين ده وقتي وأنا أقدر أنظمه كويس.
الموظف: مينفعش.. أنت لو اشتغلت معانا هتبقى حياتك كلها لينا.. ده أنت هتنام تحلم باللي عليك والتارجت بتاعك.
أنا: ده وقتي وأنا بعرف أنظمه كويس وأعرف إزاي أخلي وقت الشغل للشغل والوقت اللي فاضل للحاجات اللى أنا بحب أعملها.
الموظف: مش هتقدر الوقت ميكفيش حاجة جنب الشغل.
أنا: ممكن أسأل حضرتك سؤال؟
الموظف: اتفضل.
أنا: حضرتك بتيجي الشغل وبتروح منه في المواصلات بتاخد وقت أد إيه كل يوم؟
الموظف: ساعة أو ساعة ونص تقريباً.
أنا: حضرتك بتعمل فيهم إيه؟
الموظف: ولا حاجة.
أنا: بالنسبة لي ده وقت كبير ممكن يتعمل فيه حاجات كتير من اللي بحبها.. ممكن أقرى مثلا.. وممكن أكتب.. أو ممكن أقعد أفكر وأخطط لحاجة أنا عاوز أعملها.. بس عمرى ما بعتبر ده وقت ضايع. الفكرة كلها في كده.. كل الناس شايفة أوقات كتير في حياتها ضايعة وملهاش لازمة لكن في الحقيقة الوقت كبير جداً وممكن تستغله في حاجات كتير تعملها تنفعك أو أنت بتحبها وبتخليك مبسوط.
الموظف: د.محمد.. أحب أبلغك إن حضرتك مكنش ليك نصيب معانا.. إحنا عايزين حد الشركة تبقى حياته كلها ومعندهوش حاجات كتير يفكر فيها وبيحب يعملها. "

الموقف ده اتكرر معايا أكتر من مرة. وأعتقد إنه اتكرر مع الغالبية مننا. السؤال هنا.. ليه دايماً مينفعش يكون في حياتنا حاجة بنحب نعملها؟ ليه لما اشتغل في مكان لازم يطمس معالم شخصيتي، ويدفن مواهبي وإمكانياتي وقدراتي لو كانت بعيدة عن مجال الشغل؟ ليه المطلوب مننا إننا عشان نكون في عيون الناس ناجحين إننا نخش في قالب، ونبقي نسخ من ناس تانيين مش إحنا؟ ليه فكرة إننا في الشغل لازم نكون عبيد بنلف في ساقية، وكل ما تدور أسرع يبقى أنت أشطر؟

المشكلة دي مش مشكلة مكان شغل، دي مشكلة مجتمع كامل بيحاول يدفن مواهب الناس وقدراتهم وأحلامهم، ويرصهم في قوالب جامدة محددة ترسم أهدافهم في حياتهم كلها. والعملية دي كلها بتخلي كل واحد ينسى هو مين وعايز يعمل إيه في حياته؟ وإيه الهدف من وجوده في الدنيا في الوقت ده وفي المكان ده وبالقدرات الإمكانيات دي؟ وليه هو كده مش حد تاني؟

حد جرب قبل كده يعمل إنترفيو لنفسه؟ جرب تلبس لبس يريحك أنت بتحبه مش كلاسيك بدلة وقميص كم طويل في عز الحر وجرفتة سخيفة تخنقك، واقعد قدام المراية واتكلم مع نفسك بصوت عالي، أسأل نفسك أسئلة عشان تعرفها أكتر، شوف هي مين؟ وجاية ليه هنا؟ وعايزة إيه؟ ونفسها تبقى فين دلوقتي وقدام؟ وهي بتعمل إيه عشان توصل؟ وشوف نفسك هتجاوب إزاي، وهتعرف تجاوب على أسئلتك لنفسك وللا لأ، واحكم على نفسك يا ترى هتقبل تشغل نفسك عندك ولا هترفضها، ولو رفضتها هتعمل إيه عشان تغيرها وتقبل نفسك تشتغل عندك وهتاخد وقت أد إيه.

على فكرة ده هيبقى أهم إنترفيو في حياتك. ونصيحة متروحش أي إنترفيو غير لما تعدي إنترفيو نفسك الأول. وخليك دايماً فاكر إن الحياة كلها إنترفيو كبير.. أسئلة كتير لازم تجاوب عليها، وإمتحانات صعبة لازم تعديها.. وأهم حاجة إنك تكون دايماً مستعد.

هناك تعليق واحد:

بِنت نُكتة يقول...

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
أبشرررر يا تيمووووووور

P.S
ممكن تشيل الرمز التاكيدي