الثلاثاء، 1 يناير 2013

القرية القرية ، الأرض الأرض، وانتحار رائد الفضاء وقصص أخرى للأخ الرفيق القائد الجماهيري معمر القذاقي


القرية القرية ، الأرض الأرض، وانتحار رائد الفضاء وقصص أخرى
للأخ الرفيق القائد الجماهيري معمر القذافي




لم أعرف قبل البارحة أن القذافي قد ارتاد فن القصة القصيرة -كما أرتاد فنون أخرى منها تصميم السيارات. وقد شدني هذا العنوان الغريب الذي ذكرني بأقاويل القذافي في خطبه المعتوهة قبيل قتله "زنجة زنجة.. دار دار.. بيت بيت". أنهيت قراءة الكتاب "الكتيب" في يوم واحد بسبب قصره الشديد؛ وإليكم ما جال بخاطري أثناء وبعد الانتهاء منه.

المكتوب في هذا الكتيب لا يمت لفن القصة القصيرة من قريب ولا من بعيد. يمكننا أن نطلق على محتويات الكتيب خواطر أو خطب، لكن قطعاً وبالتأكيد ليست كتب، ربما لو كتبت في زمن يلي تسعينات القرن العشرين لأطلقنا عليها تدوينات فهي أقرب إلى ذلك بكثير.

المكتوبات الأولى "المدينة"، "القرية القرية"، "الأرض الأرض"، و"انتحار رائد فضاء" هي خواطر بالأساس حول كراهية المدن وحب القرية وعبث الإنسانية في بناء المدنية والحضارة وما جنته الإنسانية من إنحطاط جراء ذلك! وكالعادة يفاجئنا القذافي بآراءه العجيبة في تلك المواضيع؛ لكنها ليست مضحكة كما قد يعتقد البعض. يمكننا القول أنها أقرب إلى تدوينات مراهق يكره المدينة وبشدة.

مكتوب "الفرار إلى جهنم" لم أفهمه فالقذافي يتحدث فيه بذاتية عن ذهابه لجهنم مرتين. ليست هناك قصة أو حكاية. فقط هو يترك جنة قيادة الجماهير العريضة ليذهب إلى جحيم جهنم ليستمتع بعيشه بمفرده!

مكتوب "عشبة الخلعة والشجرة الملعونة" جد ساخر يمكنك تخيل القذافي وهو يخطب خطبة كهذه ونحن نضحك عليها، وهي الأكثر عبثية في هذا الكتاب.

مكتوب "الموت" هو أرقي نص بهذا الكتاب، يحمل طيف بعيد لقصة قصيرة. به بعض التفلسف والأفكار حول الموت. تبدأ بسؤال مضحك: هل الموت ذكر أم أنثى؟ وينتهي بالإجابة أن الموت ذكر يجب مقارعته ومقاومته إلى النهاية، وأنه أيضاً أنثي ينبغي الاستسلام لها حتى الرمق الأخير!

مكتوبات "ملعونة عائلة يعقوب، ومباركة أيتها القافلة"، "أفطروا لرؤيته"، "دعاء الجمعة الآخرة"، "وانتهت الجمعة دون دعاء"، "المسحراتي ظهراً" هي خطب سياسية تتناول الأمريكان والصهاينة بالسب، وتتناول الأمة العربية باللوم والتقريع، وتتهم العالم الإسلامي بالتخاذل والهوان والفرقة. بالطبع مع استثناء ليبيا من هذا كله. ويتضح في تلك المكتوبات مدى كره القذافي للتيار السلفي الوهابي، وتيار الإخوان المسلمين كراهية شديدة. ومدى سخطه من العالم الإسلامي المستثناة منه ليبيا صاحبة المشاريع العظيمة والنهضة التي ليس لها مثيل.

أما عن أقبح ما جاء بالكتاب فهو قراءة نقدية لمكتوبي "الفرار من جهنم" و"الموت" ذيلت بها محتويات الكتاب لشخص لا يستحق ذكر أسمه. تنبعث من ذلك النقد رائحة النفاق الكريهة المثيرة للغثيان. بدأها بأنه ليس غريباً على زعيم مثل القذافي قام بثورة وقاد أمة وصنع التاريخ أن يضيف الجديد لفن القصة القصيرة؛ وتوسطها بالحديث عن التقنية الجديدة في القصة القصيرة التي صنعها القذاقي؛ وأنهاها بتهنئة من قرأ "المجموعة" بنهله من نبع الحكمة والنور من القذاقي!

على الهامش: الطبعة التي حصلت عليها للقراءة كانت الطبعة "الثالثة"، ومن نشر "الهيئة المصرية العامة للكتاب". وذلك على الرغم من أن الكتاب اتهم القاهرة صراحةً بالتبعية للولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها الإمبريالية. والعجيب في الأمر أن كافة صفحات الكتاب ملونة دون داع بوجود شريط أخضر متدرج يحتل ربع مساحة الصفحة طولياً به رقم الصفحة، بجانب وجود بعض رسومات ملونة كفواصل للمكتوبات -وهو ما لم أعتده أبداً من "هيئتنا" الناشرة للكتاب. كما أن ما يزيد على ثلث مساحة الصفحة مهدر بين العمود الأخضر، وحاشية بيضاء عريضة جداً أعلى كل صفحة مما جعل عدد صفحات الكتاب 128 رغم أنه يستحق أقل من ثلثي ذلك الحجم.

الخلاصة: لا يستحق القراءة وإهدار الوقت في قرائته!

ليست هناك تعليقات: