الأربعاء، 2 يناير 2013

ثلاث رسائل أندلسية


ثلاث رسائل أندلسية
في الذكرى الـ 521 لسقوط الأندلس




الرسالة الأولى


" السلام على من اتبع الهدى، ولا غالب إلا الله.

أما قبل،

بعد أن من الله بفتح البلاد، وأتم نعمته بدخول دينه أفواج العباد. صارت الأندلس أرضاً إسلامية، عدا مكان واحد يعرف بإسم "صخرة بلاي" ألتجأ بها قائد قوطي ومعه ثلاثون مقاتلاً فقط تحصنوا بإحدى مغاراتها الحصينة. والحادث مما روى في كتب التاريخ أنه لما عاد الفاتح "موسى بن نصير" إلى الأندلس عام 95هـ/714م اتجه لشمال غرب البلاد، ولما كان في "أشترقة" بلغه "مغيث الرومي" رسول الخليفة "الوليد بن عبد الملك" برسالة فحواها أن يوقف الفتوحات ويعود إليه في دمشق، لكن موسي لاطف رسول الخليفة ليتابع معه الفتوحات فوافقه، واستمرت الفتوحات حتى بلغت سرايا المسلمين "صخرة بلاي" في أقصى الشمال، عندئذ جاء رسول آخر من الخليفة أمسك عنان فرس موسى وأرجعه معه إلى دمشق، ولم تفتح تلك المنطقة وبقيت هي الوحيدة الشاردة عن رقعة الإسلام في الأندلس، ومما يدعو للدهشة والعجب بقاء تلك المنطقة دون فتح طوال بقاء المسلمين في الأندلس. ولا أعلم ما الذي حمل المسلمين على تغافل تلك المغارة ذات الثلاثين رجلاً بعد ذلك، فبالطبع لم يبق الثلاثون على حالهم. وربما كانت تلك بداية السقوط، حتى وإن بدا بعيداً بعد ثمانية مئات من الأعوام. "



الرسالة الثانية


" السلام على من اتبع الهدى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أما خلال،

الحمد لله الذي بلغنا قرطبة، زهرة الأمصار، والتحفة التي تزيغ فيها الأبصار. يسير السائر متعجباً واصلاً صباحه بلياليها، فلا تنقطع الدهشة ولا مرائي النظر فيها. قنطرة واديها، والكبير جامعها، وزهراء ضواحيها، والعلم أعظم ما فيها؛ تلك الأربع التي فاقت بها من حاول أن يجاريها. قرطبة لألف عام سبقت، وبألف عام للحضارة سبقت؛ كان لها من المساجد ألاف ثلاثة، ومن البيوت مائتا ألف، ومن الدور والقصور ستون من الألاف، ومن الحوانيت ثمانون ألف، ومن الحمامات تسعة مئات، ومن الضواحي الثماني والعشرون يقطنها نصف ألف ألف من البشر. تغص مدارسها بالدارسين، وتزدان جامعتيها بالعالمين، فلم يعرف بها من لا يقرأ ولا يكتب. كثرت بها المكتبات عامتها وخاصتها حتي صارت أكثر بلاد الله كتباً، وأغزرها علماً. فيها من الصناعات والزراعات ما يكفي الدنيا، ومن الأسواق ما عن سواها يغنيها. رصفت طرائقها، ورفعت قمامتها، وأضيئت لياليها. كثرة محاسنها أعيت واصفيها، فكانت للعالم جوهرة يتيه بها ساكنيها. "



الرسالة الثالثة


" السلام على من اتبع الهدى، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أما بعد،

فإن أمر الله قد تم. سقطت غرناطة، وعلى تل "زفرة العربي الأخيرة" كانت الدموع، وظننا أنها دموعنا الأخيرة، وأن العِبرة من الحكاية معلومة بالضرورة، فلن نبك ثانية ملكاً يضيع منا نحن الرجال. وسقطت الخلافة، وسقطت فلسطين، وسقطت العراق، وسقطت وسقطت و.. رسبنا في إختبار التاريخ، وإختبار الرجولة. صارت زفرة العربي الآخيرة آهات عديدة مديدة، وبكينا كالنساء ثانية، ولكن هذه المرة بحراً أو محيطاً. وماذا بعد؟ سؤال إجابته أندلسية من بين ثنايا الحكايا المنسية، التي أُنسيناها أو تناسيناها! "



على هامش الرسائل الثلاثة


حلم العودة يفضي إلى طريق، وأول الطريق معرفة، والمعرفة –لا محالة- سترجع بنا إلى التاريخ، والتاريخ حكايا، وفي طي كل حكاية عِبرة، والعِبرة تستدرج العَبرة. وكي لا تكون العَبرات هي الملاذ، قم وأحيي الفكرة، اقرأ كثيراً، واخبر أكثر، أوقد لهيب الفكرة المستعر، وازرع بذرتها في كل قلب ذو حنين وشجن، تطرح لك أشجاراً وملاذاً تحتمي به في الطريق، فالطريق إلى الأندلس طويل.. طويل جداً.

من حكايا التاريخ:

سلسلة "الأندلس.. من الفتح إلى السقوط" لد. راغب السرجاني
سلسلة محاضرات صوتية تتناول قصة الأندلس كاملة من لحظة قتحها إلى أن سقطت. قصة 800 عام تسمعها في 12 ساعة فقط.
رابط المحاضرات على موقع Youtube


كتاب "الأندلس التاريخ المصور" لد. طارق سويدان
كتاب شيق يتناول تاريخ الأندلس كله مدعوم بمجموعة هائلة من الصور والخرائط يجعل من قرائته تجربة شائقة.
رابط الكتاب على موقع Goodreads


رواية "ثلاثية غرناطة" لد. رضوى عاشور
ثلاثية روائية من أبدع ما يكون عن السقوط الأخير للأندلس والترحيل منها. تتكون من ثلاث روايات منفصلة متصلة هي: "غرناطة"، "مريمة"، و"الرحيل". ستغير بك الكثير وستدرك بعدها جزءاً يسيراً من ألم سلب الوطن والهوية والروح.
رابط الكتاب على موقع Goodreads


فيلم "المطرودون: 1609، مآساة المورسكيين" (EXPULSADOS 1609, LA TRAGEDIA DE LOS MORISCOS)
فيلم يحكي قصة عائلة موريسكية يتم تهجيرها بعد قرار الطرد الجائر الذي صدر عام 1609م.
رابط لمشاهدة الفيلم على موقع "الموريسكيون في تونس"


مجموعة تدوينات "وعادت الأندلس: خواطر أندلسيّة لحاضر يعانق الماضي بشغف!" لعمر عاصي
مجموعة مميزة من التدوينات لرحلة معاصرة للأندلس نبصر فيها سحر فردوسنا المفقود.
روابط التدوينات على مدونة "عالم الإبداع": 1، 2، 3، 4، 5، 6.

ليست هناك تعليقات: